الخميس، سبتمبر ٣٠، ٢٠١٠

غزة .... أكاذيب تكشفها حقائق - الحلقة الثالثة


مصر تفتح معبر رفح وتدخل أطنان المعونات!

التاريخ: 28/02/2010

الكاتب:

MagdyahmedHussein@gmail.com
الأكذوبة الثالثة:
مصر تفتح معبر رفح، وتمر عبره أطنان المعونات ويتم إدخال العالقين، ويسمح بدخول بعض الوقود، وسيارات الإسعاف.
الحقيقة:
الحقيقة أن معبر رفح مغلق أساسا ويفتح استثنائيا لبضع أيام كل شهر، لأشياء دون أشياء أخرى. وهذه الأكذوبة تنطوى على جزء من الحقيقة، وتجزئة الحقيقة كذب. فالمقصود بمطالبة الجماهير والمعارضة المصرية هو فتح معبر رفح بصورة اعتيادية، بنفس قواعد فتح المعابر مع ليبيا والسودان وإسرائيل!!
الحقيقة أن معبر رفح مغلق أمام أى نوع من السلع التجارية، وحتى المعونات الإنسانية عدا بعض الأدوية والمعدات الطبية، أما عبور الوفود فهو بحسب المزاج السياسى للسلطات المصرية وليس وفقا لقواعد قانونية. وقد يسمح بمرور بعض الفلسطينيين ثم يتم اعتقالهم فى مصر!!

وهذا القرار ليس بناء على السلطة السيادية للحكومة المصرية بل بناء على اتفاقات صريحة مع إسرائيل والولايات المتحدة. فقد تم الاتفاق على مرور بعض الأدوية والمعدات الطبية (وليس كلها) سواء أكان مصدرها مصر أو بلد آخر.. أما البضائع فهى ممنوعة بتاتا، والمقصود كافة السلع الغذائية والمدنية والتى ليس لها أى استخدامات عسكرية، كالبطاطين ومواد البناء وسيارات الركوب والكتب والمواد الدراسية والملابس والأجهزة الكهربائية والوقود،.. الخ. وغزة لا تطلب الحصول على هذه السلع والبضائع فى صورة معونات، بل بشكل تجاري، لمواجهة الشح الإسرائيلى وطوال الأعوام الماضية لم تختنق غزة تماما بسبب حركة الأنفاق القائمة أساسا على إدخال هذه المواد الإنسانية البريئة. وتتراوح قيمتها سنويا بين 500 مليون إلى مليار دولار. وهو ما يمثل أكثر من 60 % من احتياجات غزة، وبإقامة الجدار الفولاذى فإن اعتماد غزة فى مقومات الحياة على إسرائيل سيصل إلى 100% وهذا ما يجعل غزة تحت رحمة العدو رغم أنه انسحب منها!
وحتى المعونات من غير الأدوية فإنها تدخل عن طريق إسرائيل أى بموافقتها من خلال معبري: كرم أبو سالم والعوجة. وهذا سبب فساد كثير من البضائع الغذائية على أرض مصر لأن إسرائيل لا توافق على إدخال هذه المواد إلا بحسابات دقيقة. ولا يوجد ما يجبر النظام المصرى على ذلك وفقا للقانون الدولى الذى يؤكد على ضرورة عدم حصار المدنيين.
ولكن النظام المصرى يلتزم بتعهدات غير شرعية مع إسرائيل وأمريكا فى هذا الصدد، حتى يظل القطاع ومقاومته تحت السيف المسلط الصهيوني.
وهكذا فإن ما تمرره السلطات المصرية عبر معبر رفح هو جزء يسير جدا من ما يسمح به القانون الدولى، وفى المجال الطبى وحده، وحتى هذا لا يتم بصورة آلية ولكن عبر قرارات سياسية فى كل حالة على حدة! فسلطتنا المصرية تستخدم نفس أسلوب القطارة الإسرائيلي: أى نقطة نقطة!
وتتحجج السلطة المصرية بالحديث عن اتفاقية معبر رفح الذى حدد هذه الآلية: أى أن يكون معبر رفح للأفراد، ومعبر كرم أبو سالم (الإسرائيلى) للبضائع وهذه الاتفاقية كانت فى نوفمبر 2005 لمدة سنة لم تتجدد وتعتبر ساقطة ولا وجود لها الآن. ولم تكن مصر طرفا فيها أصلا!! بل كانت بين سلطة عباس وإسرائيل والإتحاد الأوروبي. ومع ذلك كما ذكرنا فى (الأكذوبة الثانية) فإن معبر رفح كان مغلقا آخر خمسة شهور حتى فى ظل سلطة عباس!
إذن نحن لسنا أمام اتفاقية معبر رفح التى لا وجود قانونى أو فعلى لها، وإنما أمام تعهدات مصرية لإسرائيل وأمريكا.
وتقول السلطة المصرية وإعلامها إنها تريد أن تضع إسرائيل أمام مسئوليتها كدولة احتلال!! وهذا كلام لم نسمع به فى الأولين والآخرين. فمنذ متى تلتزم إسرائيل بالقانون الدولي؟! وإذا لم تلتزم إسرائيل بمسئوليتها هل نترك أهلنا يموتون من الجوع والعطش وقلة الكهرباء. وهم على بعد مرمى حجر منا؟!
ومرة أخرى وأخرى وأخرى.. إسرائيل انسحبت من القطاع عام 2005 وبالتالى لسنا إزاء حالة احتلال تقليدية، ولا يوجد إسرائيلى واحد بيننا وبين غزة، ومصر تقوم بدور الوكالة عن المحتل بدلا من انتشال غزة من الحصار على الأقل بالنسبة للسلع المدنية!! وأتحدى جهابذة النظام المصرى أن يضربوا مثلا واحدا من التاريخ على احتلال بدون قوات عسكرية داخل الأرض المحتلة!!
وإذا كانت إسرائيل قد ابتدعت الحصار كبديل للاحتلال المباشر، فمن العار أن تشارك مصر فى إحكام الحصار من الجنوب!
خلال احتجاجنا أمام وزارة الخارجية المصرية على منع شحنة أدوية (لاحظ أنها أدوية وهذا قيل أن حكومتنا تسمح به بدون عقبات!) قادمة من اسكوتلندا، حدث هذا الحوار مع السفيرة وفاء مساعدة وزير الخارجية المصرى:
- قلت: ما الذى يضير مصر أن تدخل هذه الشاحنة الصغيرة التى تحمل أدوية عبر معبر رفح؟
- السفيرة وفاء: الشحنة أتت بدون تنسيق مع الهلال الأحمر المصرى وهو الأسلوب الوحيد لإدخالها.
- قلت: الشحنة صغيرة ويمكن التفاهم الآن مع الهلال الأحمر المصرى.
- السفيرة وفاء: أرسلنا طلبا للسفارة البريطانية كى تطلب من وزارة الخارجية البريطانية كى تطلب من إسرائيل الموافقة على إدخال الشحنة!!
- قلت: لماذا نحتاج موافقة إسرائيل؟
- السفيرة وفاء: نريد أن نضع إسرائيل أمام مسئوليتها كدولة احتلال.
- قلت: ومتى كانت إسرائيل دولة مسئولة؟ وإذا كانت إسرائيل ظالمة فهل نشاركها فى هذا الظلم.
- السفيرة وفاء: هناك اتفاق المعابر 2005 الذى يحدد أن معبر رفح للأفراد فحسب.
- قلت: الاتفاق لاغ ولم يجدد، ومصر لم توقع عليه ولم تكن طرفا فيه.
- السفيرة وفاء: نعم هذا صحيح، ولكن المعبر غير معد لاستقبال شاحنات فهو معبر للأفراد.
- قلت: ولكن هذا أمر فنى، ويمكن للبلدوزر أن يسوى الأرض بشكل معين خلال 24 ساعة.
- قالت: هل تعلم أن سلطة رام الله هى التى تدفع ثمن الكهرباء والوقود المتجه لغزة وأن الدفع يتم لإسرائيل!
- قلت: هذه ليست المشكلة فحماس قادرة على دفع الفاتورة، كما أن الرئيس الجزائرى بوتفليقة أعلن مؤخرا أنه مستعد على مد غزة بكل احتياجاتها من الوقود مجانا، ويحتاج إلى ممر من مصر!!
هذا الحوار دار قبل اندلاع حرب 2008/2009 وهكذا كانت الأدوية والمعدات الطبية نفسها تحتاج لموافقة إسرائيل. وأن التساهل بعد ذلك تم بسبب الفظائع التى جرت فى الحرب، وأيضا بموافقة إسرائيل وأمريكا.
إذن مصر باعت سيادتها لأمريكا وإسرائيل فى موضوع معبر رفح وضيعت على السوق المصرى تجارة من غير الممكن تعويضها فى سوق آخر حجمها بين نصف مليار إلى مليار دولار سنويا، لصالح الاقتصاد الإسرائيلى، وكأننا نمول إسرائيل بهذا المبلغ. ومصر تغل يدها عن تصدير الغاز والوقود لغزة، وتصدره لإسرائيل بواقع 25 مليار متر مكعب لمدة 20 عاما بسعر يتراوح بين دولار و3 دولارات، بينما السعر العالمى من 10: 12 دولار. وتحقق إسرائيل مكسبا من ذلك بـ 5 مليارات دولار.
إننا بالمعايير الوطنية المصرية - بإغلاق معبر رفح تجاريا - نخسر لحساب إسرائيل ونفقد سيادتنا على معبرنا، ونعادى أخوتنا العرب المسلمين فى غزة، ونضع رقبتهم تحت المقصلة الصهيونية.
وإلى اللقاء مع الأكذوبة الرابع
عندما تقرأ فى الصحف أن معونات دخلت عن طريق كرم أبو سالم أو العوجة فهذا يعنى أنها مرت على إسرائيل ومع ذلك فحتى العبور من معبر رفح يحتاج لموافقة إسرائيلية كما كشفنا فى الحوار السابق مع السفيرة وفاء.
مجدى أحمد حسين
نداء.. إلى نشطاء الانترنت.. برجاء ترويج هذه السلسلة على الشبكة ردا على حملات الإعلام الظالمة للحكومة المصرية ضد غزة ولحساب أمريكا وإسرائيل.
*****
مقالات أخرى لمجدى حسين:

الأربعاء، سبتمبر ٢٩، ٢٠١٠

غزة أكاذيب تكشفها حقائق - الحلقة الثانية



التاريخ: 25/02/2010
الكاتب:

MagdyahmedHussein@gmail.com
الأكذوبة الثانية:
الانقسام الفلسطينى بين حماس وفتح، وبين الضفة وغزة هو سبب الحصار، وإذا تمت المصالحة ستنتهى مشكلة الحصار، وحماس تعرقل المصالحة فهى مسئولة عن الحصار، والفلسطينيون بانقسامهم ضيعوا القضية الفلسطينية وهم سبب المصائب التى يتعرضون لها، مع ملاحظة أن السياسة الرسمية المصرية المعلنة وخط الإعلام يحمل حماس وحدها سبب الانقسام، خاصة بعض رفضها الورقة المصرية.
الحقائق:
الحصار لا علاقة له بالانقسام، فالحصار على غزة قائم منذ أعوام طويلة، وحتى قبل فوز حماس بالانتخابات، وحتى قبل الحسم الأمنى فى غزة الذى أكد سيطرة حماس عليها وكانت إسرائيل تغلق المعابر أغلب أوقات السنة، وكان معبر رفح تحت سيطرة إسرائيل قبل انسحابها من غزة وكانت تغلقه معظم أوقات السنة، واستمر الأمر كذلك بعد توقيع السلطة الفلسطينية اتفاقا مع إسرائيل والاتحاد الأوروبى حول معبر رفح، وكان يغلق معظم أوقات السنة.

والحصار يشتد أو يتراخى حسب شدة المقاومة، وقد عانت الضفة الغربية من حصارات متعددة قسمتها لعشرات البقع المخنوقة عندما كانت المقاومة فعالة فى الضفة، والكل يعرف قصة حصار رام الله بل وحصار مقر ياسر عرفات رئيس السلطة. والحصار لا يزال قائما على الضفة ولكن بشدة أقل من غزة، وغزة تعانى من الحصار الشامل لأنها نجحت فى إقامة قاعدة متكاملة للمقاومة بعيدا عن أيدى الجيش الإسرائيلى، وهذا ما لم يحدث فى الضفة لقربها من الكيان الصهيونى، والإحدى عشر ألف معتقلا فى سجون إسرائيل هم الأجنحة العسكرية للمقاومة فى الضفة، وهذا هو سبب ضعف المقاومة فى الضفة.. ومع ذلك فهناك غارات إسرائيلية يومية على الضفة ينتج عنها اعتقالات يومية للفلسطينيين، وسلطة عباس لا تحرك ساكنا!!
لأسباب عديدة تمكنت المقاومة الفلسطينية من تطوير أدائها فى غزة، وتحولت إلى نواة جيش شعبى (خاصة كتائب عز الدين القسام) وأصبح لديها فرع صناعى لصناعة الأسلحة الخفيفة والصواريخ وبعد انسحاب إسرائيل عام 2005 من غزة أصبحت لدى المقاومة حرية الحركة على مدى 45 كيلو متر بعرض 12 كيلو متر هو إجمالى مساحة غزة، وأصبح من الممكن إقامة معسكرات للتدريب، وأماكن لتصنيع وتخزين السلاح، ولم يعد بإمكان إسرائيل أن تتوغل فى غزة كما تفعل فى الضفة لاعتقال المقاومين. وبالتالى أصبحت غزة خطرا استراتيجيا على الكيان الصهيونى خاصة بعد تطوير صناعة الصواريخ وتهريبها والتى استخدمت بكفاءة فى حرب غزة 2008/2009 وضربت إسرائيل حتى عمق 50 كيلو متر، ولو تركت إسرائيل غزة على حالها لأصبحت قوة موازية ومكافئة لقوة حزب الله فى الشمال ولأصبحت إسرائيل بين فكى مقاومة وقواعد صاروخية. وقد حاولت تقليم أظافر حزب الله بلبنان عام 2006 وفشلت فشلا ذريعا، ثم عادت لغزو غزة باعتبارها الطرف الأضعف عسكريا ولكنها فشلت أيضا فشلا ذريعا فى القضاء على كتائب عز الدين القسام وغيرها من منظمات المقاومة، ولم تتمكن من القضاء على قوتها الصاروخية. لذلك كان الحل الصهيونى فى إحكام الحصار على غزة، وعرقلة الإمدادات الغذائية والإنسانية وإمدادات الطاقة والسلع الحيوية كمواد البناء، ومن هنا جاء الدور الإسرائيلى - الأمريكى للضغط على النظام المصرى لإحكام الحصار من رفح بالجدار الفولاذى، لعرقلة انسياب البضائع والأسلحة، واستجاب النظام المصرى بمنتهى الجدية!
إذن شدة الحصار على غزة يتعلق بشدة المقاومة فيها، وليس بسبب الانقسام، وبدأ كما قلنا قبل الانقسام، فإسرائيل لا يعنيها سوى المقاومة، فالمقاومة هى الشىء الوحيد الذى يدفعها للتراجع عن أهدافها التوسعية الاستيطانية (إخلاء كل مستوطنات غزة!) وإذا تبين أن أى فصيل آخر يواصل المقاومة فإنه يلقى أشد إجراءات الردع الصهيونى، كما حدث مع ياسر عرفات الذى اتهم عن حق أنه وراء نشاط كتائب الأقصى فتمت تصفيته، وكذلك تم اعتقال سعدات أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومروان البرغوثى أيضا لاتهامه بصلته بشهداء الأقصى.
وكذلك إذا تصاعدت المقاومة فى الضفة وتراجعت فى غزة سيتحول الموقف الإسرائيلى إلى تشديد الحصار على الضفة وتخفيفه عن غزة، بغض النظر عن حكايات الانقسام.
أما الانفصال الواقعى والجغرافى بين غزة والضفة فهذا يرجع إلى عام 1948، حيث لا يوجد أى ممر برى بينهما، وهو الأمر الذى ساهم فى تمايز التطور بين الموقعين فى مجالات عدة. وحماس ليست مسئولة عن هذا الانقسام الجغرافي.
وكما أن إسرائيل لا تهتم إلا بوأد المقاومة، فإن موقفنا العربى الإسلامى بدوره لا يهتم إلا بدعم المقاومة، واستمرار المقاومة أهم من الوحدة والمصالحة، إذا كانت المصالحة تعنى الاعتراف بإسرائيل ونزع سلاح المقاومة، فاستمرار المقاومة مع الانقسام أفضل من الوحدة على الاستسلام!
وهذا هو أساس مشكلة المصالحة، فليس صحيحا أن قادة حماس يتصارعون على حطام الدنيا (كراسى السلطة) بينما يصدق ذلك على قادة فتح الذين يتمتعون بامتيازات ومكاسب مالية معروفة للجميع. إن اهتمام حماس بانتخابات السلطة جاء دفاعا عن المقاومة عندما
تحولت السلطة إلى خنجر فى جنب المقاومة، ولا زالت كذلك فى الضفة الغربية . والحسم العسكرى حدث فى غزة بسبب قيام أجهزة دحلان العميلة باستنزاف قوة المقاومة بعمليات اغتيال متوالية، وذلك بالتفاهم مع أجهزة إسرائيل والولايات المتحدة. وكان الحسم العسكرى أساسا لحماية ظهر المقاومة.
والطريف أن قادة فتح والنظام المصرى يستعملون مصطلح "انقلاب حماس على الشرعية وهو أمر مثير للسخرية، فقد حصلت حماس على قرابة 64% من مقاعد المجلس التشريعى ومن حقها أن تشكل الحكومة وحدها. وقد قدمت تنازلا كبيرا بإقامة حكومة وحدة وطنية مع فتح مع إعطاء فتح أهم الوزارات، وذلك بهدف تحقيق الاستقرار. ولكن فتح رفضت كل ذلك وأرادت إزاحة حماس عبر إضعافها فى غزة بعمليات إرهابية تقوم بها أجهزة دحلان، وفى نفس الوقت كانت إسرائيل تعتقل نواب حماس فى الضفة لإنهاء وضع الأغلبية فى البرلمان!!
أما الآن فإن الشىء الرئيسى الذى يعرقل المصالحة، أن فتح مصرة على رفض المقاومة وتعلن أن التفاوض مع إسرائيل هو الطريق الوحيد، حتى رغم مواقف حكومة نتنياهو المتشددة، كذلك فإن فتح دخلت فى شراكة أمنية وسياسية مع إسرائيل والولايات المتحدة وحماس متمسكة بالكفاح المسلح، وبعدم الاعتراف بإسرائيل ومن الطبيعى أن يكون النظام المصرى منحازا لسلطة عباس لأن مواقفها تتسق مع المواقف الرسمية المصرية ومن هنا نفهم ابتزاز النظام المصرى لحماس بضرورة الإذعان والتوقيع على الورقة المصرية بدون مناقشة وهذه ليست وساطة بل إملاء شروط ووفقا لقوانين وأدبيات حركات التحرر الوطنى، فإن غزة تعتبر أرضا محررة، والضفة ما تزال تحت الاحتلال، والمفترض أن ترتفع الضفة الغربية لمستوى غزة، لا أن تهبط غزة إلى مستوى الضفة. نعم غزة تحت الحصار الإسرائيلى والمصري، ولكن لا يوجد بها جندى إسرائيلى واحد وقد أعلن شارون عن انسحابه الكامل من غزة عام 2005 وأخلى المستوطنات اليهودية ووكل النظام المصرى وسلطة عباس فى السيطرة على حدود غزة مع مصر بينما يحاصر هو غزة من الشمال والشرق والغرب (البحر).. وهذا وضع لا مثيل له فى تاريخ حركات التحرر الوطني. فكشمير تعتمد على العمق الباكستاني، وفيتنام كانت تعتمد على العمق الصينى الخ.. ومع ذلك تبقى غزة أرض محررة من قبضة الاحتلال المباشر، وأى تحرير لفلسطين لابد أن يرتكز على هذا الجزء المحرر، لا بإعادة إلحاقه بالعدو الصهيوني، مثل الضفة الغربية. ومحاربة غزة وحصارها يعنى وأد مشروع تحرير فلسطين الذى يتحول من حلم إلى حقيقة، فى ظل المقاومة الفلسطينية اللبنانية المسلحة بالصواريخ وهو الأمر الذى أثبت أن يوجع إسرائيل وأدى حتى الآن إلى هجرة مليون إسرائيلى يعيشون خارج إسرائيل وفقا لإحصاء إسرائيلى.
وبالإضافة لكل ما سبق. هب أن حماس مخطئة، وأننا ضد الانقسام الفلسطينى لأى سبب من الأسباب، فما علاقة ذلك بمحاصرة مليون ونصف المليون عربى مسلم ووضعهم تحت خطر دائم بالتجويع وقطع الكهرباء وإمدادات الوقود، لماذا نحول هؤلاء القوم إلى رهائن فى يد إسرائيل رغم أنهم واقعون مباشرة على حدودنا ولا يفصل بيننا وبينهم أى جندى إسرائيلى. إن إغاثة الملهوف وفك الحصار عن المدنيين الأبرياء (حتى إذا رأى حكامنا أن المقاومة جريمة أو إرهاب!!) واجب يعلو أى أمر آخر سواء أكان حكامنا يحبون حماس أو يكرهونها ولكن حكامنا يتعاونون مع إسرائيل فى تركيع شعب غزة حتى يضغط على حماس لتوقف المقاومة وتعترف بإسرائيل، وهكذا يتم رفع الحصار عن الغذاء، ويتحول الفلسطينيون إلى عبيد لدى إسرائيل، وتنتهى قضية فلسطين.
مرة أخرى إن أساس الانقسام بين غزة والضفة أو بين حماس وفتح هو الانقسام حول خط المقاومة أم خط الاستسلام، وليس شجارا على المواقع والمناصب وكراسى السلطة وبالأخص من جانب حماس حيث أن قادتها هم المستهدفون دائما بالاغتيال، وبالتالى ليست فى السلطة أى مغانم دنيوية لهم كما يردد البعض على خلاف قادة فتح الذين يمارسون البيزنس مع إسرائيل، وأبناؤهم يتعلمون فى أوروبا وأمريكا ويعيشون حياة مترفة وآمنة من العدو الصهيونى فى الضفة وخارجها. يقول السفير المصرى حسن عيسى (جبريل الرجوب سافر إلى أمريكا وعاد بخطط ومعدات لضرب حماس. بريطانيا أعطت محمد دحلان 80 مليون إسترلينى لقلب حماس فى غزة.. قيل أن فتح كانت تجهز لدخول غزة. وقد أدى هذا لاستيلاء حماس على القطاع) واعترف حسن عيسى بأن (الأسمنت الذى بنى به الجدار العازل من مصر أساسا رغم أن من باعه لإسرائيل كان قياديا فتحاويا)!!
هل بعد هذه الشهادة الرسمية تجرى المساواة بين حماس وفتح؟! ألا تؤكد هذه المعلومات وغيرها كثير ومنشور، أن حماس كانت مضطرة للحسم الأمنى فى غزة دفاعا عن المقاومة، طالما أن أمريكا وبريطانيا وإسرائيل ضالعة إلى هذا الحد فى تحريك الأجهزة الأمنية الفتحوية!
أما الورقة المصرية فإن ما يخفيه الإعلام الرسمى أن أهم تحفظات حماس عليها خاص ببند يحظر إقامة أى تشكيلات عسكرية خارج إطار الأجهزة التى تقررها الدولة وهو ما يعد إلغاء صريحا للمقاومة؟! وعندما تقول السلطة فى مصر أن على حماس أن توقع على الورقة بدون مناقشة، فهذا يعنى أن توقع حماس على إلغاء المقاومة!!
إذن موضوع حصار غزة لا علاقة له بالمصالحة إلا من زاوية استخدام المحور المصرى - الإسرائيلى - الأمريكى - الفتحاوى الحصار لتركيع حماس كمنظمة مقاومة، وإجبارها على إلقاء السلاح والاعتراف بإسرائيل حتى بدون الحصول على دولة فلسطينية على الأراضى المحتلة عام 1967.
وإلى اللقاء مع الأكذوبة الثالثة
مجدى أحمد حسين
*****
مقالات أخرى لمجدى حسين: