الأحد، يونيو ٠٧، ٢٠٠٩

مصرية شريرة

حينما بدأت السفينة تغرق تعلقت بطوق نجاة...فجأة ووسط الأمواج المتلاطمة لمحت طفلا في الثامنة من عمره يصرخ طالبا النجدة ..تمكنت بصعوبة بالغة من التقاط يده وتعلقت به بإحدى يداي وباليد الأخرى أمسكت طوق النجاة ..مضت ساعات طويلة ونحن في المياه الغاضبة ..بدأت قوى الطفل تخور..وكذلك أنا أصابني التعب وكدت أفقد الأمل تماما في البقاء على قيد الحياة ..قبل نصف ساعة على وصول زورق الإنقاذ أصاب الطفل الإعياء وبدأ يقول يا عمو خلاص سبنى أموت سبنى أموت
لم تزدنى كلماته سوى المزيد من التعلق به ..والتمسك بالحياه ..وفجاه أنتهى كل شئ
فجاة دفعتنى موجة لطمت وجهى وكذلك وجه الطفل نظرت إليه بعدها واكتشفت أنه فارق الحياة

كما كان من بين الجثث جثتان لأب يحتضن ابنته الصغيرة التي لم يتجاوز عمرها السبع سنوات مات الأب والأبنه و التصقت الجثتان ولم ينجح الأطباء الشرعيين في فصلهما لأنهما كانا في حالة تيبس لذلك أضطر المسئولون في الميناء لوضع الجثتان في كيس واحد تمهيدا لأخذ عينات من الحامض النووي للاستدلال على شخصيتهما

لم تكن تلك المشاهد المؤلمة من فيلم تايتنك الشهير ولكن ولإنعاش الذاكرة الضعيفة فالطفل القتيل هو(وائل) ابن من أبناء مصر وزهورها اليانعة وواحد من 1400 قتيل مصري فى عبارة الموت السلام تانك وضحية من آلاف الضحايا الذين قتلوا على يد الفساد في عهد الرئيس المكلوم على حفيده, منهم من تفحمت جثته فى القطارات والفاعل وابور جاز أومن تناثرت أشلاؤه في الأجواء جراء اصطدام القطارات أيضا والفاعل هناالشبوره

أو من كان طعاما للقرش في عرض البحر والفاعل (خيار البحر) ومنهم من مات مسموما بسبب تناوله وجبة غذائية فاسدة والفاعل(طفاسة الواد)ومن مات (مفعوصا) تحت الصخور والفاعل الصخره ومن مات اثناء عبوره الطريق وما أدراك ما عبور الطريق والفاعل هو نفسه لضعف قدرته على الجرى

آلاف الضحايا من الأطفال ابتلعهم الفساد الذي نما وترعرع حتى صار كالشجرة التي امتدت فروعها الخبيثة لتتشابك مع كل نواحي الحياة في مصر بينما تغلغلت جذورها ضاربة أعلى الهرم

انتظرت طويلا أن يخرج السيد الرئيس الجد والأب على شاشات التلفزيون مصرحا بأن كل طفل مصري يقتل على يد الفساد بمثابة ابنه أو حفيده ولن يتهاون في دمه وسيكون العقاب رادعا لكل يد تطاولت لتقطف زهور مصر ومستقبلها
لكن الذي يحدث دائما هو العكس فقد برأت المحكمة قاتل وائل وال 1399 مصري لأنه (مسنود) فكيف نساوى حياة 1400 من الفقراء الكادحين ممن ليس لهم سند بسنه سجن لشخص ثرى ومسنود
وتم الاستئناف ولتهدئة الحشود الغاضبة صدر ضده حكما ب7 سنوات بعد تسهيل هروبه للخارج طبعا
ولتضرب أم وائل وغيرها من أمهات الضحايا رؤوسهم في عرض الحائط

أما بقية الجرائم فقد سجلت ضد (وابور جاز) أو ضد مجهول


ومن الطبيعي أن لا تتخذ الحكومة أي خطة حقيقية لمواجهة الفساد لأن هذا معناه القضاء على جذورها وفروعها معا ولكنها تبنت الحل الأسهل وراهنت على الحصان الرابح الذي لم يحدث وخسر رهان ألا وهو ضعف ذاكرة الشعب المصري
التي تم إضعافها عمدا بانتهاج سياسة (الإهمال والتطنيش) لتضمن تكرار الحادث
و مع تكرار الحوادث الكارثية سيألفها المواطن المصري وبالتالي ستصيبه حصانة طبيعية ولن يؤثر فيه أو يحركه أي حدث مهما كانت درجة بشاعته أو عدد ضحاياه , كل ما في الأمر انه سيحتل صدارة وسائل الأعلام من جرائد ونشرات و فضائيات وينتهي ( بلا حول ولا قوة إلا بالله و والله حرام اللي بيحصل ده) على لسان رجل الشارع ليذهب بعد ذلك بلا عوده سالكا طريق النسيان !ولأن الفاعل طليق اليد فستأتي مصيبة أكبر لا محالة لتحتل مكان سابقتها وإن لم تأتى فمباراة حاسمة بين الأهلي والزمالك كفيلة بان تنسينا حتى أسامينا
ولكن ولأكون منصفة و(الشهادة ل الله) والحق يقال , فعقب كل كارثة تقفز التصريحات الحكومية لإخماد الأصوات و إغلاق الأفواه بمبلغ عشرة الاف جنيه لكل قتيل و 5 آلاف لكل جريح!!10000 جنيه ثمن المواطن المصري الطيب

وفى حادث (الدويقه) ولأن الضحايا أكثر فقرا وبؤسا فكفاية عليهم 5 للقتيل و3 للمصاب
وليحمدوا خالقهم (ويبوسو ايد الحكومه وش وظهر) على كرمها الطائي فالمصري يساوى أقل من ذلك بكثير والعيال على قفا من يشيل


ولأن الموت كغيره من أمور الحياة في مصر دخل فيه (الخيار والفاقوس والواسطة والمحسوبية) فلم توقف القنوات المصرية إرسالها من أجلهم ولم تبث التلفزيونات آيات الذكر الحكيم ولم تنهال برقيات العزاء على ذويهم ولم يتسابق الكتاب في نشر كلمات المواساة لآبائهم وأجدادهم ولم يلتف الشعب حولهم مطالبين بالقصاص لمقتلهم ولم يذكرهم أحد..
مجرد أرقام في سجلات القضايا وعلى صفحات الحوادث أثارت زوبعة فتره من الوقت (لزوم المبيعات) ثم خمدت .. عاشوا أصفارا وماتوا أرقاما!! وهذا هو حال الفقراء

ولأن الكتاب والمثقفين وضعوا البيض في سلة واحدة و انبرت أقلامهم في المواساة ووصف طيبة المصري وكرم أصله ووقوفه مع رئيسه في مصابه على قلب رجل واحد ولأنني وضعت قسرا ورغما عنى مع البيض فكان لزاما على أن أنفى عن نفسي تهمة الانتماء لهؤلاء المصريين الطيبين وأؤكد على كوني مصرية شريرة لم تضعف ذاكرتها ولم تنس
وإن كنت أكتب اليوم فأنني أكتب فقط لأذكر الرئيس المسئول و الجد المكلوم بأن الحزن الذي يعتصر فؤاده على حفيده قد سبقه إليه آلاف الأسر ممن فقدوا فلذات أكبادهم على يد الفساد ولم يجدوا يدا تواسيهم أو تعويضا عادلا يعينهم أو حكما ينصفهم ولعلك اليوم وأنت تشعر بألمهم أن تسعى جاهدا لوقف نزيف الدماء
_____________________________________________________________________________________

بقلم رشا ممتاز

الاثنين، يونيو ٠١، ٢٠٠٩

فى الشوارع



فى الشوارع

شئ غريب بينادينى

شئ بيفرض جوا منى حزن عينى

شئ ياخدنى يشدنى

يرمى حزنى عالشوارع


اترسم كل الوشوش

تنقسم بينا المواجع

ابقى واحد منهم

جرحى هو جرحهم

والحقيقة متوهانى


فى الشوارع

حلم عاشق ليل نهار

شفته فى عيون طيبين

حلم مطحون بالمرار

يطرح غناوى المجروحين

ولامتى هانعيش فى انتظار

وعلينا بتمر السنين


اترسم كل الوشوش

تنقسم بينا المواجع

ابقى واحد منهم

جرحى هو جرحهم

والحقيقة متوهانى


فى الشوارع

ليه بنسأل ميت سؤال

والطريق نمشيه وتانى نرجعه

كل حاجة فوق حدود الاحتمال

كل واحد فينا جرحه بيوجعه


اترسم كل الوشوش

تنقسم بينا المواجع

ابقى واحد منهم

جرحى هو جرحهم

والحقيقة متوهانى