الثلاثاء، مايو ١٧، ٢٠١١

بين حد الردة وسجون الكنيسة

هل من العدل أن نطالب غيرنا بالالتزام بما لا نؤمن به؟
هل من الإنصاف أن نطالب إخوتنا الأقباط شركاء الوطن والكنيسة المصرية ورأسها البابا شنودة بالإيمان والالتزام بمبادئ حرية العقيدة فيما يؤمن 90% من المسلمين إن لم يكن أكثر بحد الردة؟
سؤال آخر يواجهنا كمصريين إذا أردنا حلا لمشكلة تنظيم مبدأ حرية الاعتقاد فى مصر
فى الحقيقة من يقرأ القرآن لا يجد أثرا لحد الردة بل على العكس يجد العديد من الآيات التى تعزز مبدأ حرية العقيدة
يقول الله تعالى "لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم" البقرة 256
ويقول أيضا "
يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" البقرة 217
ويقول "
إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا" النساء 137
وقوله تعالى‏ "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" يونس 99
كما يقول الله تعالى فى آية واضحة جلية بأنه لا يجوز قتل النفس البشرية - أى نفس - إلا فى حالتين "
من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا" المائدة 32

أما الحديث فإن حد الردة فيه واضح جلى فى أحاديث صحيحة وخاصة حديث من بدل دينه فاقتلوه وحديث لا يحل دم امرئ مسلم إلا إحدى ثلاث: النفس بالنفس والمحصن الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة

هل هناك تعارض بين القرآن وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

أهل الحديث وجمهور العلماء قالوا بأنه لا تعارض وأن حد الردة موجود إذ أن أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام الصحيحة مفسرة لآيات القرآن وأن الآيات المذكورة قد نزلت في أن من لم يدخل الاسلام فلا يكره على دخول الاسلام أما من دخل الاسلام ثم ارتد فإنه يطبق عليه حد الردة وهو القتل،
وهو ما يخالف الآيتين الثانية والثالثة عاليه حيث لم تذكر الآيتين أية عقوبة دنيوية للمرتد

أما القرآنيين وهم ينكرون الحديث بالكلية فإنهم أنكروا حد الردة تماما إستنادا إلى آيات القرآن فقط

بعض العلماء أمثال الدكتور العوا رأوا أن عقوبة الردة عقوبة تعزيرية متروكة للحاكم حيث له فيها ان يحكم بالقتل أو لا

والبعض الآخر قال أن حديث الرسول عليه الصلاة والسلام عن تبديل الدين ومفارقة الجماعة هو حديث عن العهد أى أن الدين هنا قد ورد بمعنى العهد والاتفاق وهذا ما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام مع اليهود حين نقضوا عهدهم معه وحاربوا دولة المدينة فحاربهم وصادر أموالهم

علماء آخرين ذهبوا إلى أن آيات القرآن تقيد الحديث بأن عقوبة القتل إنما تجب على تارك دينه المفسد فى الأرض أو كما ورد فى الحديث المفارق للجماعة فقط، أى الذى يرتد عن الاسلام ثم يحارب الاسلام ويفسد فى الأرض وقد جاء هذا الفهم بقراءة الحديث فى ضوء القرآن الكريم وليس العكس كما أنه لم يثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام قتل أى مرتد إلا الذى ثبتت عليه جرائم الإفساد فى الأرض أو قتل المسلمين أو خيانتهم والمظاهرة عليهم

بعد أن أوردت هنا جميع الأراء الواردة فى حكم الردة بقدر الإمكان يمكن أن أقول أنه عقليا ومنطقيا لا يجوز لنا نحن المسلمين أن نطالب الكنيسة أن تلتزم بحرية العقيدة والكف عن إحتجاز من يغيرون عقيدتهم - إذا ثبت ذلك - ما لم نلتزم بها نحن أولا
بالطبع أنا مستعد لسماع جميع الإتهامات لمن سيقرأ كلامى بداية بالضلال والفساد ومخالفة السلف وجمهور العلماء وإنتهاءا بالكفر والإلحاد مثلما كنت مستعدا لإتهامات بعض الإخوة الأقباط والليبراليين والعلمانيين عندما هاجمت الكنيسة ومواقفها بداية بأننى انضميت للتيار الإسلامى وأننى لم أعد ليبراليا وإنتهاءا بأننى إرهابى وسلفى ورجعى وما إلى ذلك، لكن هانعمل ايه هى دى مصر
والله من وراء القصد

الأربعاء، مايو ١١، ٢٠١١

الفتنة الطائفية مرة أخرى

مرة أخرى وألف وألفين
لماذا؟
لأسباب عديدة أرى أن أول هذه الأسباب وأهمها هو عدم إيمان الكنيسة المصرية بحرية العقيدة وتعنتها الشديد، كنا نظن أن ما يدعيه بعض المتشددين الاسلاميين على الكنيسة باحتجاز هؤلاء الذين تخلوا عن المسيحية محض افتراء إلا أن الكنيسة بما فعلته فى أزمة إمبابة أكدت لنا أنها بالفعل تحتجز بعض الذين يتحولون عن المسيحية
إن رفضنا للاعتداء على أى دور عبادة لا شك فيه وليس محلا للشك ولكن عندما يصبح دور العبادة سجنا للذين يريدون تغيير عقيدتهم عن اقتناع فإن دور العبادة فى هذه الحالة يصبح شيئا آخر
كما أن محاولة بعض الأقباط استغلال الأزمة التى هم من بدأوها بإدخال السفارة الأمريكية فى الأمر هو حماقة أخرى تضاف لسجل حماقات بعض الأقباط الذين يدفعون بهذا الوطن إلى الهاوية بمواقفهم المتشددة
بالطبع لم يناقش الاعلام المصرى كالعادة فى معالجته للأزمة السبب الرئيسى للمشكلة وهو احتجاز مصرية رغم إرادتها داخل مبنى تابع للكنيسة وهذا هو ما ينبئ عن تكرر المأساة لأننا لا نناقش جذور المشكلة ونحاول أن نجامل وهى والله مصيبة كبرى
على الكنيسة أن تكف عن هذه الأفعال الصبيانية التى لن تفيد أحدا فخروج واحد أو اثنين من المسيحية لن يضير المسيحية فى شئ وعلى المسلمين ألا يتجمهروا أمام أى كنيسة حتى لا يعطوا ذريعة لأحد وأن يتركوا الأمر للشرطة والقضاء
وعلى الجيش والشرطة والنيابة والقضاء تطبيق القانون على الذين تورطوا فى هذه الأزمة مهما كانت شخصياتهم والكشف عن ملابساتاتها، بمعنى أننا نريد أن نعرف من المسئول عن احتجاز هذه المواطنة المصرية، هل هى أوامر رأس الكنيسة المصرية؟ هل سياسة الاحتجاز سياسة عامة تنتهجها الكنيسة؟ أم أن هذا الاحتجاز مجرد اجتهاد شخصى من كاهن كنيسة مارمينا؟
وإذا كنا نريد لهذه المأساة ألا تتكرر علينا ان نضع قانونا ينظم حرية الانتقال بين العقائد وأن يلتزم الجميع به والله من وراء القصد