بمناسبة الذكري الثانية لغرق العبارة السلام 98
ماذا أصابك يا وطن؟؟!!
.......
أنا من سنين لم أره
لكن شيئاً ظل فى قلبى زماناً يذكره
.."عمى فرج "
..رجل بسيط الحال
لم يعرف من الأيام شيئاً غير صمت المتعبين
كنا إذا اشتدت رياح الشك
بين يديه نلتمس اليقين ..
كنا إذا غابت خيوط الشمس عن عينيه
شئ فى جوانحنا يضل .. و يستكين
كنا إذا حامت على الأيام أسراب
من البأس الجسور
نراه كنز الحالمين ..
عيناه غارقتان فى سأم السنين
وذقنه البيضاء تحمل ألف حلم للحيارى الضائعين
..كم كان يمسك ذقنه البيضاء فى ألمٍ
و ينظر فى حقول القمح
و الفئران تسكر من دمار الكادحين
لم يبق فى الحقل الجميل سوى الثعابين العتيقة
ثنفث السم الدفين
لم بيق غير قطائع الغربان
تنعى الموت فى الزمن اللعين
لم يبق فوق شواطئ النهر الحزين
سوى العناكب ..
و الطحالب ..
و الأنين ..
كم كان يبكى كلما أكلنا جيوش الملح قوت الجائعين ..
* * *
" عمى فرج "
قد كنت أعرف وجهه المعجون من شوق الليالى ..
و المواويل القديمة و الحنين ..
دمه بلون النيل حين يجى مختالاًيشق الأرض
تصرخ فى رباها الخضر أصوات الجنين
بيديه مسبحة
و فى قدميه خف
عّلم الدنيا طقوس الصبر فى الزمن الضنين
من ألف عام ..
كان يمشى فوق نهر النيل
يسمع عن حكايا السارقين ..
سرقوه جسماً ..
ثم روحاً..
ثم أصبح غنوة خرساء ..
تحكى عن مآسى الراحلين ..
كم عاش يشرب من ماء و طين ..
قد كان آخر عهده بالحلم ..
حين يجى شهر الصوم بالتمر الملوث بالتراب
يسد جوع الصائمين ..
* * *
" عمى فرج "
يوماً تقلب فوق ظهر الحزن
أخرج صفحة صفراءإعلاناً بطول الأرضِ
يطلب فى بلاد النفط
بعض العاملين
همس الحزن و قال فى ألم :
أسافر .. كيف يا الله أحتمل البعاد عن البنية .. و البنين ..
لم لا أحج ..
فهل أموت ولا أرىخير البرية أجمعين ..
لم لا أسافر ..
كلها أوطاننا ..
و لأننا فى الهم شرق ..
يننا نسب و دين
لكنه وطنى الذى أدمى فؤادى من سنين
ما عاد يذكرنى .. نسانى ..
كل شئ فيك يا مصر الحبيبة سوف ينسى بعد حين ..
أنا لست أول عاشق نسيته هذى الأرضكم نسيْت ألوف العاشين ..
وطنى سينسانى ..
قد كان يذكرى اذا لاحت وجوه المعتدين
قد كان يذكرنى إذا حلت مواسم زرعنا
فيجى يسرقها ..و يتركنا حيارى .. جائعين ..
حاربت يوماً فى صباى
فعاش مرفوع الجبين ..رغم أنف الظالمين ..
قد مات أبنى فى سبيلك يا وطن ..
كفنته فى مهجتى ..
و رسمته وشماً على صدرى يرد كيد الغاصبين ..
أنا لم أسافر فى حياتى مرة
كانت حقول القمح فى عينى نهاية كل هذى الأرض
كانت ظـُلـّة ُ الصفصاف أوسع من سماء الكون
كانت مصر فى قلبى
بلاد العالمين ..
* * *
و مضيت يوماً كى أرى وجه النبى ..
سافرت من أجل النبى ..
كم طفت حول الكعبة الغراء
أدعو الله أن يشفى فؤادى من حنينى للوطن ..
قد كنت ألمحه على الأستار مسجونا ًكوجه العدل فى هذا الزمن
كان الحنين يفيض فى نومى
فألمح أهل بيتى ..كل جيرانى ..و زرعى .. و السكن ..
طيف الحنين يثور فى قلبى
فيجرى فى عيونى ألف نهر من دموع
كانت حقول القمح تصرخ فى ضلوعى
أن أطلال المزارع تشتهيك
و حضنها الخالى يسألك الرجوع ..
* * *
عمى فرج ..
قد حان ميعاد الرجوع الى الوطن
وطن وطن ..
عدنا إلى حضن الوطن
الكل يصرخ فوق أضواء السفينة
كلما اقتربت خيوط الضوء عاودنا الشجن
وجه الوطن..
فى كل جزء فى الحنايا ظل يسكننى
و يورق كلما عصفت بأيامى المحن ..
فلا الأحزان أنستنى هواك و لا الزمن
" عمى فرج "
وضع القميص على يديه و صاح
يا أحباب لا تتعجبواإنى أشم عبير ماء النيل فوق الباخرة
هيا أحملوا عينى على كفـِّى
أكاد الآن ألمح كل مئذنة ٍتطوف على رحاب القاهرة
هيا احملونى كى أرى وجه الوطن ..
هيا احملونى كى أرى وجه الوطن ..
* * *
دوت وراء الأفق فرقعة أطاحت بالقلوب المستكينة
و الماء يفنح ألف باب
و الظلام يدق أرجاء السفينة
غاصت جموع العائدين
تانثرت فى الليل صيحات حزينة
و تسمرت عيناه فوق الشاطئ الموعود
راوده حنينه ..
كانت تلال الموج تحل صرخة مكتومة الأنفاس يخفيها أنينه
" عمى فرج "
قد قام يصرخ تحت أشلاء السفينة
رجل عجوز فى خريف العمر – يا ابناء -- ...
من فيكم يعينه ..
رجل عجوز فى خريف العمر من منكم يعينه
رجل عجوز
آه يا وطنى
أمد يدى نحوك ثم يقطعها الظلام
و أظل أصرخ فيك أنقذنا .. حرام
بالله أنقذنا حرام ...
بالله أنقذنا حرام ...
* * *
و تسابق الموت الجبان ..
ما بين أمواج و حيتان و أعشاب
توارى العمر ..و انتحر الأمان
يروى قصة البسطاء
فى زمن التخاذل و التنطع و الهوان ..
و سحابة الموت الكئيب
تلف أرجاء المكان
" عمى فرج " ..
بين الضحايا كان يغمض عينيه
و الموج يحفر قبره بين الشعاب
و على يديه تطل مسبحة
و يهمس في عتاب
الآن يا وطنى أعود إليك توصد فى عيونى كل باب
لم ضقت يا وطنى بنا ..
لم ضقت يا وطنى بنا
قد كان حلمي أن يزول الهم عنى ..عند بابك
قد كان حلمي أن أرى قبري على أعتابك
الملح كفنني
و كان الموج أرحم من عذابك
و رجعت كى أرتاح يوماً فى رحابك
و بخلت يا وطنى بقبريحتوينى فى ترابك
فبخلت يوما بالسكن
و الآن تبخل بالكفن
ماذا أصابك يا وطن ..
ماذا أصابك يا وطن ؟! ...
فاروق جويدة
هناك ٤ تعليقات:
الغريب فى الشريط ده موقف القبطان المفروض انه راجل خبير وعارف امتى السفينه بتبقى بتغرق او لا ويدى تعليمات باخلاء المركب وتنزيل قوارب الامان لكن هو لاخر لحظه بيقول قولو شمال
لا حول ولا قوة الا بالله
ربنا ينتقم من اللى كان السبب واحنا للاسف منهم
http://www.youtube.com/watch?v=FVR2SoVZzl4
اختيار موفق واكثر من رائع جزاكي الله خيرا
ماحدث كان مذبحة متعمدة مع سبق الإصررا والترصد بكل المقاييس.. أدعو الله أن نشهد اليوم الذى ينال كل من كان له يد فى هذه المجزرة جازءه وأن يجعلهم الله عبرة لكل طاغية متجبر..
كل حاجة في مصر سعرها بيزيد يوم بعد يوم
الا البني آدم
كل يوم بيرخص في مصر
تحياتي للجميع
إرسال تعليق