كما هي من ايميلي:
بلغني أيها الملك السعيد.. ذو الرأي السديد.. والعمر المديد.. الذي يستمد سنينه من عمر العبيد.. أنه كان هناك شعب يصحو ويبات.. في نوم وسبات.. ولا يرى في بؤسه سوى كل تبات ونبات.. وكل يوم يحلم بما هو آت.. ولا يُرمى له سوى الفتات.. ورغم كل ذلك يكتفي بالكلام.. ويبتعد عن أي إقدام.. ويقنع ببطولاته الزائفة التي يحققها في المنام..
*ويذهب أبناؤه إلى مبانٍ يقال إنها تُدعى مدارس.. ويمضون بها ساعات الصباح.. وحالهم بين شغب وصياح.. يخرجون كتب وكراريس بيضاء.. ويتلُون منها دروسًا جوفاء.. والمدرّسون مساكين بين حزن وبكاء.. ورغم أن البعض منهم يحاولون.. ويسعون ويجتهدون.. لكن أكثرهم نائمون.. ولا يرجون من الطلبة نجاحاً ولا يحزنون.. والتلاميذ لا يفعلون سوى فغر أفواههم في سكون.. ويخرجون من المدرسة كما يدخلون.. عقولهم غائبة تماما.. ولا يفهمون إلا لماما.. ومع ذلك ينجحون.. وعلى أعلى الدرجات يحصلون.. وإلى الجامعة يرتحلون.. ليعيدوا من جديد الكرّة.. ويمضون بها سنوات مُرة.. ويحجزون لأنفسهم أي مكان.. على قهوة خلف الدكان.. يشربون الشاي والدخان!
*وحكومتهم تقول إنها قامت بكل عناية.. وليس عليها لوم ولا شكاية.. فيكفيهم أنهم بالمجان يعالجون.. في أروقة مستشفيات كالسجون.. ويظلون يستجدون علاجا.. فلا يجدون ممرضا ولا طبيبا.. ولا دواءً ولا سريرا.. فيلجأون حينها للأخُوّة.. ويشترك في السرير خمسة.. وهكذا حققت الحكومة مسعاها.. ودربت نفوسهم على التلاحم.. والتضافر والتناغم.. ليتشاركوا في آلامهم تماماً كأبطال الملاحم.. وليس وظيفة المستشفي الشفاء.. فهذا أمر قدري ولا رادّ للقضاء.. ولكنهم يحرصون.. على جعلهم يرتاحون.. ومن آلامهم يتخلصون.. وإلى الراحة الأبدية يخلدون.. فلا يسمعون منهم ازعاجا.. ولا صراخا ولا فجاجة.. لأنهم شعب مدلل.. لا يتحمل بضع أمراض وعلل.. ويصيبهم بالملل.. فيمرض إذا شرب ماءاً ملوثا.. بل ويمرض إذا تناول طعاماً مسمما.. ولذلك فهو لا يستحق -لتمارضه عن غير حق- إلا علاجاً ملوثا.. حتى يدرك أنه كان في نعم.. ورفضها بأدب منعدم.. ولن يجني سوى الندم!
* وهو شعب مغامر.. يلعب بحياته ويقامر.. ولا يخشى على عمره ولا يحمل ساتر.. فيركب وسائل مواصلات.. تمشي على عجل كالسيارات.. لكن ليس بالضرورة أن تسير.. فهذا بذخ وتبذير.. ورغم ذلك بكل سرور.. تبذل الحكومة جهدها بحبور.. وتتغاضى عما بهم من شرور.. فتدفع بالعربات للسير.. ليركبها المواطنون وينعمون بالخير.. ولكن على ضمانتهم يجلسون.. فلا يتوقعون أن يركبوها سالمين.. أو ينزلون منها سالمين.. فكل مرء وحظه.. ولا يلومن إلا نفسه.. لو ركب قطاراً محترقا.. أو ركب مركبا غرقا.. فهذا كله مقصود.. لإضافة الإثارة إلى الجمود.. فلا يصيب الراكب ملل ولا قنوط.. ومع ذلك يقابلون الأمر بكل جحود.. ويتهمون الحكومة بالتقصير.. ويطالبونها بمواصلات آمنة.. وكأن حياتهم منعمة.. ولا ينقصها سوى أوتوبيسات مكيفة!
*وفي الصباح والمساء.. تردد حكومتهم في غناء.. عن إنجازاتها العتيقة.. في البنية التحتية العريقة.. والشعب غارق في المجاري.. يتشبث بالأعمدة والكباري.. وحين تمطر السماء.. فهو يوم عويل وبكاء.. فالشوارع تتحول إلى بركة للسباحة.. والمواطنون يسبحون فيها بكل مرح وراحة.. والبلاعات بالطبع سدودها كثيرة.. لأنها من الأساس مجرد صورة.. وليست موصولة بأية ماسورة.. وينتظرون في لهفة سطوع الشمس.. لتخلصهم من هذا الفيضان.. وكأنهم بعيدون عن أي عمران.. ورغم ذلك ما زالوا يسمعون.. إنجازات حكومتهم تعمي العيون.. ومع ذلك يصمتون.. رغم أنهم كادوا يغرقون!..
* ولذلك فهم في بحث محموم.. عن أي نصر مزعوم.. وبالتالي يهتفون.. ويمرحون ويصرخون.. لفوزهم في مباريات الكرة.. ويذهلون بها عن كل ما حدث وجرى.. وفي كل موقف يتفاخرون.. بأجدادهم الفراعنة.. وأنهم أحفاد هؤلاء الجبابرة.. ويرددون: لدينا هرم ونيل.. وهم يلوثونهم بلا أي تبجيل.. وكلما انتقدهم أحد.. أو استحثهم على العمل.. أو طالبهم بنفض الكسل.. فهو خائن وعميل.. ولا يستحق سوى التنكيل.. ليعودوا من جديد إلى التفاخر والتهليل.. وهم في البؤس غارقون.. وبالتلوث معميون.. ورغم ذلك لا يصرخون.. ولا يقاومون أو يحتجون.. إنما يوفرون كل الجهود.. لينالوا من بعضهم البعض كالأسود.. ليمرح من حولهم الضباع والفهود!
وأدرك "شهرزاد" الصباح وهي مكبّلة بالقيود.. وحولها الذئاب والجنود.. ترى قضبان السجون.. عقاباً لها على ما قالته من مجون!
بلغني أيها الملك السعيد.. ذو الرأي السديد.. والعمر المديد.. الذي يستمد سنينه من عمر العبيد.. أنه كان هناك شعب يصحو ويبات.. في نوم وسبات.. ولا يرى في بؤسه سوى كل تبات ونبات.. وكل يوم يحلم بما هو آت.. ولا يُرمى له سوى الفتات.. ورغم كل ذلك يكتفي بالكلام.. ويبتعد عن أي إقدام.. ويقنع ببطولاته الزائفة التي يحققها في المنام..
*ويذهب أبناؤه إلى مبانٍ يقال إنها تُدعى مدارس.. ويمضون بها ساعات الصباح.. وحالهم بين شغب وصياح.. يخرجون كتب وكراريس بيضاء.. ويتلُون منها دروسًا جوفاء.. والمدرّسون مساكين بين حزن وبكاء.. ورغم أن البعض منهم يحاولون.. ويسعون ويجتهدون.. لكن أكثرهم نائمون.. ولا يرجون من الطلبة نجاحاً ولا يحزنون.. والتلاميذ لا يفعلون سوى فغر أفواههم في سكون.. ويخرجون من المدرسة كما يدخلون.. عقولهم غائبة تماما.. ولا يفهمون إلا لماما.. ومع ذلك ينجحون.. وعلى أعلى الدرجات يحصلون.. وإلى الجامعة يرتحلون.. ليعيدوا من جديد الكرّة.. ويمضون بها سنوات مُرة.. ويحجزون لأنفسهم أي مكان.. على قهوة خلف الدكان.. يشربون الشاي والدخان!
*وحكومتهم تقول إنها قامت بكل عناية.. وليس عليها لوم ولا شكاية.. فيكفيهم أنهم بالمجان يعالجون.. في أروقة مستشفيات كالسجون.. ويظلون يستجدون علاجا.. فلا يجدون ممرضا ولا طبيبا.. ولا دواءً ولا سريرا.. فيلجأون حينها للأخُوّة.. ويشترك في السرير خمسة.. وهكذا حققت الحكومة مسعاها.. ودربت نفوسهم على التلاحم.. والتضافر والتناغم.. ليتشاركوا في آلامهم تماماً كأبطال الملاحم.. وليس وظيفة المستشفي الشفاء.. فهذا أمر قدري ولا رادّ للقضاء.. ولكنهم يحرصون.. على جعلهم يرتاحون.. ومن آلامهم يتخلصون.. وإلى الراحة الأبدية يخلدون.. فلا يسمعون منهم ازعاجا.. ولا صراخا ولا فجاجة.. لأنهم شعب مدلل.. لا يتحمل بضع أمراض وعلل.. ويصيبهم بالملل.. فيمرض إذا شرب ماءاً ملوثا.. بل ويمرض إذا تناول طعاماً مسمما.. ولذلك فهو لا يستحق -لتمارضه عن غير حق- إلا علاجاً ملوثا.. حتى يدرك أنه كان في نعم.. ورفضها بأدب منعدم.. ولن يجني سوى الندم!
* وهو شعب مغامر.. يلعب بحياته ويقامر.. ولا يخشى على عمره ولا يحمل ساتر.. فيركب وسائل مواصلات.. تمشي على عجل كالسيارات.. لكن ليس بالضرورة أن تسير.. فهذا بذخ وتبذير.. ورغم ذلك بكل سرور.. تبذل الحكومة جهدها بحبور.. وتتغاضى عما بهم من شرور.. فتدفع بالعربات للسير.. ليركبها المواطنون وينعمون بالخير.. ولكن على ضمانتهم يجلسون.. فلا يتوقعون أن يركبوها سالمين.. أو ينزلون منها سالمين.. فكل مرء وحظه.. ولا يلومن إلا نفسه.. لو ركب قطاراً محترقا.. أو ركب مركبا غرقا.. فهذا كله مقصود.. لإضافة الإثارة إلى الجمود.. فلا يصيب الراكب ملل ولا قنوط.. ومع ذلك يقابلون الأمر بكل جحود.. ويتهمون الحكومة بالتقصير.. ويطالبونها بمواصلات آمنة.. وكأن حياتهم منعمة.. ولا ينقصها سوى أوتوبيسات مكيفة!
*وفي الصباح والمساء.. تردد حكومتهم في غناء.. عن إنجازاتها العتيقة.. في البنية التحتية العريقة.. والشعب غارق في المجاري.. يتشبث بالأعمدة والكباري.. وحين تمطر السماء.. فهو يوم عويل وبكاء.. فالشوارع تتحول إلى بركة للسباحة.. والمواطنون يسبحون فيها بكل مرح وراحة.. والبلاعات بالطبع سدودها كثيرة.. لأنها من الأساس مجرد صورة.. وليست موصولة بأية ماسورة.. وينتظرون في لهفة سطوع الشمس.. لتخلصهم من هذا الفيضان.. وكأنهم بعيدون عن أي عمران.. ورغم ذلك ما زالوا يسمعون.. إنجازات حكومتهم تعمي العيون.. ومع ذلك يصمتون.. رغم أنهم كادوا يغرقون!..
* ولذلك فهم في بحث محموم.. عن أي نصر مزعوم.. وبالتالي يهتفون.. ويمرحون ويصرخون.. لفوزهم في مباريات الكرة.. ويذهلون بها عن كل ما حدث وجرى.. وفي كل موقف يتفاخرون.. بأجدادهم الفراعنة.. وأنهم أحفاد هؤلاء الجبابرة.. ويرددون: لدينا هرم ونيل.. وهم يلوثونهم بلا أي تبجيل.. وكلما انتقدهم أحد.. أو استحثهم على العمل.. أو طالبهم بنفض الكسل.. فهو خائن وعميل.. ولا يستحق سوى التنكيل.. ليعودوا من جديد إلى التفاخر والتهليل.. وهم في البؤس غارقون.. وبالتلوث معميون.. ورغم ذلك لا يصرخون.. ولا يقاومون أو يحتجون.. إنما يوفرون كل الجهود.. لينالوا من بعضهم البعض كالأسود.. ليمرح من حولهم الضباع والفهود!
وأدرك "شهرزاد" الصباح وهي مكبّلة بالقيود.. وحولها الذئاب والجنود.. ترى قضبان السجون.. عقاباً لها على ما قالته من مجون!
هناك تعليقان (٢):
على هذا فإن مسرور هو أقدم مسئول أمنى فى المنطقة :)
جامدة مووووت
وانا كمان جاتنى على الميل
يا خوفى من مسرور ده
إرسال تعليق