الفرق والتيارات الاسلامية- الحلقة الثالثة

الصوفية

تؤلف الصوفية مجموعة من الطرق والأذكار التي يتلوها المريد في أوقات مختلفة حسب توصيات مشايخ الطريقة بغية تنقية النفس وتطهيرها ليرتقي في المراتب الروحية التي يمكن أن توصله إلى درجة الولاية، والصوفية أو التصوف ليست دين أو مذهب إنما هي منهج أو طريق يسلكه العبد للوصول إلى الله عز و جل كما يعرفها أصحابها، أما معارضيها فيعتبرونها ممارسة تعبدية لم تذكر لا في القرآن ولا في السنة ولا يصح أي سند لإثباتها وعليه فهي تدخل في نطاق البدعة المحرمة التي نهى عنها رسول الله وتقوم الصوفية على فكرة الولاية حيث يعتبر الولي عارفا بالله الذي يمنحه كرامات تماثل معجزات الأنبياء مثل شفاء المرضى وكشف الغيب وهذا ما عرضها في بداية القرن الماضي لهجوم المتعلمين في الغرب باعتبارها ممثلة للثقافة الدينية التي تنشر الخرافات ثم بدأ مع منتصف القرن الماضي الهجوم من قبل المدرسة السلفية باعتبارها بدعة دخيلة على الإسلام

حركة التصوف انتشرت في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنـزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة معروفة باسم الصوفية، ويتوخى المتصوفة تربية النفس والسمو بها بغية الوصول إلى معرفة الله تعالى بالكشف والمشاهدة

بشكل عام نشأ مصطلح الصوفية كسلوكيات عامة يغلب عليها طابع الزهد في الدنيا والطمع بالآخرة وتندرج هذه السلوكيات ضمن تياري زهد رئيسيين وهما تيار يمثله أئمة من أهل السنة و الجماعة تميل إلى تفضيل نصوص الترهيب والترغيب وتحض على الزهد في الدنيا وهذا التيار يمثله الحسن البصري والحارث المحاسبى، والتيار الآخر ذو أصول فارسية وهو يعتبر احياءا لموروث سلوكي فارسي قديم، يعتمد على هجر بعض الناس للدنيا في سبيل تحقيق زعامة دنيوية والحصول على أتباع ومؤيدين ويمثل هذا التيار حبيب العجمي الفارسي

شهدت الصوفية بعد ذللك قفزة جديدة بالتحول الجذري عند الإمام الغزالي الذي انقلب من مدرسة المتكلمين إلى المدرسة الصوفية و كان كتابه احياء علوم الدين محاولة لتأسيس العلوم الشرعية بصياغة صوفية وقد امتدح كثير من علماء السلفية هذا الكتاب وحذروا منه فى ذات الوقت لأنه من وجهة نظرهم يتضمن العديد من الأحاديث الضعيفة والبدع التى لا أصل لها، كما يذكر السلفيون أن الغزالى قد مات وكتاب صحيح البخارى على صدره إشارة إلى ندمه وعودته إلى الاسلام الصحيح

تلا الامام الغزالى اعتماد الكثير من الفقهاء أبرزهم عبد القادر الجيلاني للصوفية كطريقة للتربية الإيمانية، ويبدو أن الجيلاني وتلاميذه الذين انتشروا في كافة بقاع المشرق العربي عادوا بالتصوف إلى الجذور الإسلامية بالتركيز مرة أخرى على تعليم القرآن والحديث مقتدين بأشخاص مثل الحارث المحاسبي، والدليل على ذلك أن ابن تيمية رغم الهجوم الضاري الذي يشنه على الصوفية في عصره، يمتدح أشخاصا مثل الجيلاني و أحمد الرفاعي، وينسب بعض المؤرخين لهذه المدارس الصوفية المنتشرة دورا كبيرا في تأسيس الجيش المؤمن الذي ساند صلاح الدين في حربه ضد الصليبيين

الفكر الصوفى

الباحثون فى بنية الفكر الصوفي يلاحظون دائما تشابها بين الفكر الصوفي والفكر الشيعي وكثيرا ما يلجأون للمقارنة بين إمام الشيعة وولي الصوفية ... فولي الصوفية يرث العلم عن الأنبياء وهو الذي يملك الحقيقة تماما مثل الإمام الشيعي، حتى أن بعض كتب الصوفية تمنح الأولياء عصمة مشابهة لعصمة أئمة الشيعة، لكن هذا التشابه غير مستغرب عندما نعرف أن هذه الأفكار تأتي أساسا من منبع واحد يتمثل في الأسرار الغنوصية، والغنوصية هى حركة دينية وفلسفية نشأت فى القرن الأول قبل الميلاد تقوم على نظرية الحلول وقد استطاعت هذه النظرية أن تنفذ إلى المسيحية وإلى الاسلام من خلال الصوفية والشيعية

ومن هنا نستطيع أن نتبين لماذا كان هذا الهجوم على الصوفية وذلك نظرا لابتعاد معظم مدارسها عن الاسلام الصحيح واختصاص البعض بالعلم والولاية دون باقى الناس وهو ما جاء الاسلام لهدمه حيث كانت مهمة الاسلام الاساسية دائما إخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد حيث لا مجال للوصاية فى الاسلام سوى للقرآن والسنة الصحيحة

وللصوفية وأتباعها طرق عديدة مسماة بأسماء شيوخ هذه الطرق مثل الطريقة النقشبندية والرفاعية والقادرية إلخ، وهو ما يثير العجب بالفعل حيث لا طريقة فى الاسلام سوى طريقة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم

بالطبع يؤخذ على أغلب الصوفيين وليس كلهم حتى لا نعمم الابتعاد عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونشر الخرافات والبدع التى تبتعد بالناس عن العمل والاجتهاد

ينتشر الفكر الصوفى فى مصر، ومن أهم علماءه حاليا فى أسيوط الشيخ عبدالخالق امام جامع ناصر وهو من أكبر مساجد أسيوط

تلاميذ الشيخ عبدالخالق يتحدثون عن قدرته الفائقة فى معرفة ما تريد السؤال عنه دون أن تتحدث وهو ما يثير الدهشة حيث أن الرسول عليه الصلاة والسلام نفسه كان يقول أسألوا فإن السؤال نصف الإجابة

كما تحدث الشيخ عبدالخالق أكثر من مرة عن رؤيته لآل البيت والرسول عليه الصلاة والسلام نفسه ليس فى الحلم ولكن فى الحقيقة، كما قال فى احدى خطبه العصماء أن أمة الاسلام ليس من مهماتها العمل وإنما العبادة فقط وأن الغرب مسخر لاكتشاف الاختراعات التى تخدمنا حتى نتفرغ للعبادة

وهكذا نرى أحد الأمثلة السيئة للصوفية وكيف يمكن أن يؤثر هذا الكلام على عامة الناس ويجلعهم يركنون إلى الجهل والخرافات والبدع التى جاء الاسلام اساسا لهدمها